لاشکّ أنّ اللغة و مضامینها من أهمّ آلات الحوار بین الحضارات المختلفة و فی هذا المجال لقد اهتمّ باحثو الأدب و اللغة علی دراسة الصلة الوثیقة بین الثقافتین الفارسیّة و العربیّة و معاینة تأثّر شعراء الشعبین و کتّابهما بعض من بعض منذ أمد بعید و الأدب المقارن هو من الشُعَب القیّمة و الهامّة للعلوم الأدبیّة الحدیثة و من عوامید النقد الأدبیّ الجدید بما أنّ هذا الفرع من الأدب یخبرنا بتأثیر آداب الأمم و نتیجةً له یُزیل البرقع عن تأثّر شعراء الأمم و الکتّاب بعضهم بعضاً. لاریب أنّ إنجاز مقارنة بین الشاعر الإیرانیّ المعاصر نیمایوشیج و الشاعرة العراقیّة المعاصرة نازک الملائکة یلعب دوراً هامّاً فی تجسید العلاقات المشترکة بین الشعبین فهما یُعدّان رائدی الاحساس الجدید بین أدباء و فنّانی شعبهما و یعیشان شعر الزمن و یمثّلان التجدید علی نحو خاص. یحاول الباحث فی هذه الدراسة إلقاء الضوء علی مختلف زوایا تجدیدهما فی الشعر الحدیث الفارسیّ و الشعر الحرّ العربیّ باستخدام منهج تحلیلیّ مقارن؛ تشیر نتائج البحث إلی أنّ الشاعرین لقد أعلنا الدعوة إلی التجدید الشعریّ و أدخلا تغییراً جوهریاً علی المعجم اللفظیّ المستعمل فی أدب عصرهما من خلال منح اللغة آفاقاً جدیدة تجعلها قادرة علی استرداد قوّتها الإیحائیّة التی فقدتها و اعتبرا الوزن و القافیة القدیمین من الأسباب التی تمنع الشاعر من کشف الخیال الشعری الحقیقیّ فتمتاز فکرتهما بالوضوح و الاعتدال و لکن لاتخلو عن العمق و هی کالمرآة صافیة صادقة و یتجلّی جمال شعرهما فی السهولة و المتانة و الرقّة و الجزالة و القوّة و الوضوح.

کلمات کلیدی