لاشک أنّه بعد الثورة الإسلامیة فی إیران قد وقعت اللغة العربیة کسابق عهدها فی العصر العباسی موقع العنایة البالغة من قبل المسؤولین ذوی الصلة، حیث بذلوا قصاری جهودهم لتعلیم هذه اللغة المبارکة و تعمیمه إلی أن نری هذه اللغة تدرّس حالیاً فی کثیر من الجامعات الإیرانیة. لکن من المؤسف مع هذه الجهود المبذولة العملاقة أننا لم نصل إلی النتیجة المطلوبة بعدُ و لماّ تخرج مناهجنا التعلیمیة الطالب المناسب و المواکب للعصور و من هذا المنطلق، لایزال المدرسون و الأساتذة و الجهات المختصة یشکون الوضع التعلیمی الراهن و انخفاض المستوی العلمی للطلبة أو عدم الرغبة فی تعلّم هذه اللغة حتی أصبحت العربیة عند أغلبهم درساً جافاً عسر الهضم لافائدة وظیفیة لها فی الحیاة. و فی کثیر من الأحیان لو أراد أحد الطلاب أو الأساتذة أن یتکلم بهذه اللغة لا یری الجوّ ملائما له فسرعان ما یتراجع و ینعزل. و من هنا تفرض تساؤلات نفسها علینا هی : ما هی المشکلات و العوائق التی وقفت أمام طلبة فرع اللغة العربیة و آدابها أو أساتذتها الجامعیین؟هل هذه المشکلات و الصعوبات ترتبط بهذه اللغة ذاتها و طبیعتها أو بواضعی قواعدها أو ببیئة الطالب أو الأستاذ أو بأنفسهما معاً أو بالجهات المختصة أو بالتحدیات التی تواجه اللغة العربیة و ما هی هذه التحدیات؟ للإجابة عن مثل هذه التساؤلات حاولنا فی ضوء المنهج الوصفی التحلیلی أن ندرس أهمّ الصعوبات و المشکلات التی حالت دون تعلیم اللغة العربیة فی جامعات إیران أو صعّبت طریقه. وأخیراً توصلنا إلی : أن هذه الصعوبات والمشکلات تتسبّب عن عدة عوامل، منها ما یرتبط بالصعوبات والمشکلات الجوهریة و العرضیة للغة العربیة کصعوبة القواعد و تعقدها ،اختلاف و تشتت آراء العلماء و... و منها ما یرتبط بطرق التدریس و أسالیبها کالترکیز علی القواعد و الغفلة عن الطرق المثلی،تعلیم القواعد فی قالب الأمثلة الجافة و غیر الملائمة لروح العصر ، و... و منها ما یتصل بالطلاب و الأساتذة کالضعف العلمی المستشری ،عدم المهارات الکافیة و الممیزة فی القراءة و النطق الصحیح للحروف العربیة أو قلة العنایة بها ، انعدام الدافع لتعلّم العربیة أو تعلیمها أو التکلم بها و... و منها ما یتعلق بالجهات المختصة کالإبهام و الاضطراب فی هدف أو أهداف تعلیم اللغة العربیة، عدم إیجاد الفروع المختلفة الحدیثة ،عدم الأعمال الثقافیة الشاملة لرفع مکانة اللغة العربیة و تعظیمها لدی آحاد المجتمع و... و منها ما ینجم عن التحدیات التی تواجه تعلیم العربیة کقضیة العولمة فی نشر اللغة الإنجلیزیة و قصور اللغة العربیة عن استیعاب علوم العصر و ... و فی الختام اقترحنا بعض طرق العلاج لهذه الصعوبات و التحدیات أو التعامل معها کالعدول عن الطرق التعلیمیة المنسوخة و الاعتماد علی طرق مثلی کالقرائة الصحیحة الواعیة للنصوص الأدبیة المتمیزة و حفظها ،استخدام الوسائل التعلیمیة الحدیثة کـpower point ،تخصیص وقت لمحادثة الطلبة و مناقشتهم باللغة العربیة الفصحی مع الأساتذة ،إلقاء المحاضرات بالعربیة الفصحی من قبل الطلاب أو الأساتذة فی قاعة الاجتماعات ،عدم السماح للطالب فی التحدث إلا باللغة العربیة الفصحی طیلة حیاته الدراسیة، إیجاد الفرص المهنیة الخاصة باللغة العربیة حتی کانت دافعة للطلاب لتعلم العربیة و سبباً لربطها بتخصص الطالب و بحیاته الوظیفیة ،إقامة ورش العمل الملائمة علی صعیدی الطلاب و الأساتذة فی جامعات البلاد العربیة مع حضور الأساتذة العرب المتمیزین ،إیلاء اهتمام کاف بدور القرآن فی التصدی لهذه التحدیات، التطور العلمی فی البلاد الإسلامیة لاسیّما العربیة ذلک أنّ تطور اللغة - أی لغة- و حیویتها فضلا عن قوتها الذاتیة و رصیدها الأدبی رهینُ قوة الابتکار و الاختراع. فهذه المقالة تحاول أن تلقی الضوء علی هذا النوع من الصعوبات و التحدیات المواجهة تعلیم اللغة العربیة فی جامعات إیران کما تهدف أیضاً طرح بعض الطرق الهامة لتذلیلها أو التعامل معها.

کلمات کلیدی